Sunday, March 20, 2011

رياح التغيير في العالم العربي: اجهاض الدوله الفلسطينيه

رياح التغيير في العالم العربي

اجهاض الدوله الفلسطينيه

إسرائيل تدرك جيدا أنه لا يمكنها أبدا تدمير اعداءها عن طريق الوسائل التقليدية بسبب العدد الهائل من العرب بالمقارنة مع اليهود وحجم الأراضي العربية التي يجب أن تكون محتلة مباشرة من قبل إسرائيل، -- وهي مهمة مستحيلة نظرا الى عدد القوة المطلوب للقيام بعمل كهذا وهو ما تفتقده اسرائيل نسبيا تمتلك الجيش. لذا فإن الطريقة الوحيدة للتغلب على "العدو العربي" هو القيام بذلك من داخل، والأفضل من ذلك ، لاستخدام القوة ضده. وقد حددت اسرائيل بعض خطوط الصدع داخل كل من العربية وغير العربية) الدول التي بحكم طابعها الإسلامي، وتمثل أكبر تهديد لها أن تصبح في نهاية المطاف القوة العظمى الإقليمية التي كانت تتصور نفسها. منذ فترة طويلة انها تعتزم استخدام هذه التصدعات، ويمثلها الاختلافات الدينية والثقافية واللغوية والعرقية بين مختلف الشعوب، وماذا يجب أن نتذكر عند تشكيل فهم الوضع الحالي هو أنه أقرب إلى غرس شجرة في أنه يستغرق وقتا طويلا قبل أن تحصد ثمار.

"هذه الصوره للأقليات العرقيه من المغرب الى الهند ومن الصومال الى تركبا تشير الى تغيب الأستقرار والتدهور السريع للانظمه في المنطقه برمتها. عندما تضيف هذه الصوره الى الحاله الأقتصاديه سوف نرى ان المنطقه كلها مبنيه كبيت من ورق لا تستطيع مواجهة المشاكل الكبيره عندما تحصل." 1982 ، المنظمة الصهيونية العالمية

عند مراقبة الوضع الحالي و ما يجري على ارض مصر وليبيا ( متأملين فهما و ادراكا عميقين ) و تونس و غيرها من مناطق اخرى في الشرق الاوسط , فانه لا يسعنا سوى التأمل في النص اعلاه , فهو يلخص النوايا الصهيونية و الاهم من ذلك هو الاستراتيجيات التي قامت اسرائيل بوضهعا في الثمانينات من القرن الماضي لمعالجه مشكلتها المصيريه والوجوديه مع اعدائها " الوطن العربي" .

ان اسرائيل على دراية تامة بانها لا تستطيع ان تقضي على اعدائها بالطرق التقليدية , و ذلك لعدم تكافؤ اعدادها مع نظيرها العربي فهم اكثر بكتير , بالاضافة الى ان مساحة الدول العربية الواسعة تجعل احتلالها و الاستيلاء عليها من المستحيلات على الجيش الاسرائيلي الصغير العدد.و بالتالي فان الطريقه الوحيده للسيادة على " العرب الاعداء" هي العمل على اضعاف ذلك العدو من الداخل و استعمال مصادر قوته ضده. قامت اسرئيل بدراسه دقيقة لما سموة التصدعات و النزعات لكل بلد عربي يشكل تهديد لمطامعها التوسعية والامبريالية. منذ زمن بعيد وضعت اسرئيل الخطط المحكمة لاستخدام هذه التصدعات و النعرات بالاعتماد على الاختلافات الدينية و العرقية و اللغوية و الثقافية بين الافراد. علينا ان نعي بان الوضع الحالي يشبه الى حد كبير زراعة الشجر و انتظار الوقت الكافي لحصد الثمار.

في العقود الثلاثة القادمة , لدى اسرائيل امرين اساسيين لابد من ان تحققهما :

1. اقامة دولة اسرائيل على ارض اسرائيل , كما هو متعارف عليه لدى اليهود و التي تشمل المنطقة الواقعة بين غرب نهر الاردن و البحر الابيض المتوسط.

2. ان تكون اسرئيل قوة عظمى في المنطقة و ذات سيادة مطلقة و تحقيق اهدافها الأمبريالية.

لقد اوضح الصهاينة ذلك عندما كتبوا خطتهم في اواخر السبعينيات من القرن الماضي وسموها "استراتيجية اسرائيل في الثمانينيات"

اقرأوا­

اقرأوا ما كتبوا في مخططهم: " ان تشتيت الجماهير العربية هو هدف استراتيجي من الدرجة الأولى واهميه تحقيقة تقع في اعلى الدرجات, و الا لن يكون لنا وجود داخل اي حدود. يهودا و السامرة و الجليل هي الضمانة الوحيده لوجدنا الوطني , واذا لم نصبح الغالبية في المناطق الجبلية فلن نستطيع حكم الدوله, وسنصبح مثل الصليبيين الذين مروا بهذه الارض و التي لم تكن ارضهم على اية حال لانهم كانوا غرباء عنها . اعادة توازن المنطقة ديمغرافيا و استراتيجيا و اقتصاديا هو الهدف الاسمى و الاهم في هذه اللحظة. ان السيطرة على المناطق الجبلية من بئر السبع حتى الجليل هو هدف قومي لتوطين الهود في المناطق الجبلية و التي هي خالية من اليهود اليوم. " Prof. Yuval Neeman, "Samaria--The Basis for Israel's Security," Ma'arakhot 272-273, May/June 1980

في الثمانينيات من القرن الماضي كانت المناطق الجبلية في الضفة الغربية و المشار اليها بيهودا و السامرة , كانت خالية من الوجود اليهودي في ذلك الوقت لذلك فان البدء بتنفيذ هذه الاستراتيجيات كان في نهاية السبعينات من القرن الماضي للمسارعة ببناء مستوطنات بذلك الوقت. واذا نظرنا اليوم اعداد اليهود المستوطنين في تلك المناطق فقد تجاوزت 600الف نسمة و التي كانت اعدادهم لا تزيد عن 1100 نسمة في 1972.

كانت المستوطنات و لازالت هي موضوع المفاوضات بين الفلسطنيين و الاسرائليين. ففي خلال فترة ولاية جورج بوش الاب و بالتحديد ما بين 1990-1992 وصلت اجواء التوتر بين الامريكان و الاسرائيليين حدا ادى الى وقف الاتصال المباشر بين رئيس الولايات المتحدة الامريكية و رئيس الوزراء الاسرائيلي آن ذاك . حيث قامت حرب كلامية بين الرئيس الامريكي جورج بوش و اسحاق شاميير رئيس الوزراء الاسرائيلي حين اعلن الرئيس الامريكي على العالم اجمع ان بناء المستوطنات غير مشروع ووجودها في الضفة الغربية ما هو الا "عائق لعملية السلام ", و هدد الرئيس الامريكي بوقف المساعدات الامريكية لاسرائيل و التي تقدر بحوالي 10.00.00.000 $. وعند سؤال احد المراسلين الصحفين لرئيس الوزراء الاسرايلي اسحاق شاميير حول الموقف الامريكي من المستوطنات و ايقاف المساعدات الامريكية لاسرائيل , اجاب شاميير : "سأخذ منه وظيفته" اي ان هذا الموقف سبكلف جورج بوش الرئاسة . في ذلك الوقت كانت هناك منافسة على رئاسة الولايات المتحدة الامريكية بين جورج بوش و بيل كلنتون , و تصريح اسحاق شاميير هذا يشبر الى ان السياسة الامريكية مسيرة من قبل اسرائيل , و قد ثبت هذا على ارض الواقع عندما خسر جورج بوش الانتخابات الامريكية امام نظيره كلنتون على الرغم من تحقيق بوش النصر في حربه على العراق و حصوله على 86% من تأييد الشعب الامريكي.

قام شامير بنفسه من تحذير المفاوضين العرب في مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991. بان المحادثات لن تثمر بنجاح اذا تم التركيز على الارض . حضر اسحاق شاميير الى المؤتمر وفي نيته السيطرة التامة على الضفة الغربية و قطاع غزة. واوضح شاميير لمراسل جريدة معارييف الاسرائيلية بانه ينوي مماطلة مدة المفاضات لعشرة سنوات اخرى حتى يتم توطين نصف مليون يهودي الى يهودا و السامرة.

كما نعلم انه في عام 1992 , كان هناك تقرير من صحيفة LA times يوضح بان اعداد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية حوالي 10,000 نسمة. من الجلي بانه بغض النظر عن من يحكم اسرائيل ان كان من اليسار ام اليمين فجميعهم ملتزمون بتحقبق غايه الايستيطان في ما يسمونه يهدا والسامره وما هي الا نابلس والقدس والخليل وطول كرم الى الجليل.

في15 نوفمبر 2010 , قام الرئيس الامريكي باراك اوباما بتقديم عرض مغري جدا لاسرائيل يتضمن تقديم 20 طائرة من طراز اف 35 , و بذلك تستطيع اسرائيل ضرب ما يحلو لها من منشآت اينما كانت لحماية وجودها و امنها و ذلك بمقابل تجميد الاستطيان لمدة 90 يوم في الضفة الغربية, و ما كان لاسرائيل الا ان ترفض العرض الامريكي , و يمكن نسنتج من هذا بان بناء المستوطنات هو هدف لا يمكن لاسرائيل التنازل عنه و اهم من الحصول على تلك الطائرات لتعزيز مقوماتها العسكرية , مع الاخذ بعين الاعتبار ان العرض الامريكي لا يتضمن سوى تجميد الاستيطان لمدة 90 يوما لا بانهائه.

من الواضح بأن اسرائيل لن تسمح بقيام دولة فلسطينية على اي ارض غربي نهرالاردن وبما ان دول العالم التي تعترف بدوله فلسطينيه على حدود 1967 بتزايد مستمر معترف فما كان على اسرئيل الا ان تنفذ خطتها باسرع وقت للحيلوله من قيام الدوله الفلسطينيه, اضف الى ذلك عدم قدرة الولايات المتحدة الضغط على المفاوض الفلسطيني للصالح الاسرائيلي , فان االوقت قد حان لتنفيذ المخططات الصهبونية التي تم وضعها في 1980 على ارض الواقع قبل قيام الفلسطينيين بكسب الراي العام العالمي بالاعتراف بدولتهم على اراضي غرب النهر.

اثار الاستراتيجية الااسرائيليه في 2011: "ان افضل ما يمكن حصوله في العراق لصالح اسرائيل هو سقوط النظام و انقسامه الى 3 دويلات : شيعية و سنية و اخرى كردية." مرة اخرى لابد من ان نتذكر بان هذه الاستراتيجية قد تم نشرها في 1982 في احدى اهم و اكبر الصحف الاسرائيلية و التي كانت مجرد مخططات في الثماتنينات ضمن منظومة من الاستراتيجيات , و اذا نظرنا الى صورة العراق اليوم لوجدنا الحال الذي آل اليه العراق يشبه الى حد كبير ما ورد في تلك المخططات منذ عقود مرت, هل يوجد احد اليوم يشكك في ان هذا هو بالضبط المشهد العراقي؟

و اذا نظرنا الى مصر , و على الرغم من التعتيم الاعلامي ( المسيطر عليه من قبل الصهيونية) على الحقائق , لا يمكن انكار دور مصر الذي لعبته كونها الحليف الاقوى للسلطة الفلسطينية و الوسيط الاساسي و الرئيسي بينها و بين اسرائيل , كانت مصر هي النظام العربي الوحيد الذي يستطيع التفاوض مع اسرائيل و مع حماس بالنيابة عن السلطة الفلسطينية . و في سياق فرض الضغوط على الركيز الاساسي في المفاوضات وهو السلطه الفلسطينيه فان ما يجلب السعادة لاسرائيل هو وجود نظام حكم في مصر لا يتفاعل بوديه مع اسرائيل كما كان النظام السابق لمبارك و بالتالي فان هذا كله يضع السلطة الفلسطينية بين فكي كماشة لدفعهم مجددا الى طاولة المفاوضات لعشر سنوات اخرى يتم خلالها توطين مليون يهودي اخرون في " يهودا والسامره" مما يجعل الامور على الارض تستحيل اقامه دوله فلسطينيه غربي النهر مما يستدعي البحث عن حلول اخرى في ذلك الوقت والحل الامثل والممكن تطبيقه هو الحل الذي طرحته غولدا مئير وغيرها من القاده الصهينه امثال شارون وباراك الا وهو ان هناك دوله فلسطينيه على ارض الوجود الا وهي الاردن لان اغلبيه شعبه من اصل فلسطيني. و بذلك يتم تصفية الضفة الغربية من الوجود الفلسطيني و اقامة دولة بديلية للفلسطنيين على ارض شرق النهر. و بهذا يكون الحل المثالي باقامة دولة فلسطينية بديلة في الاردن.

قد يشك البعض بامكانية تطبيق هذا السيناريو المطروح على ارض الواقع ... فلنلقي الضوء على ما ورد بهذا الشأن في نص الاستراتيجية التي تكلمنا عنها:

" من المستحيل ان يبقى الاردن على تركيبته الحاليه لزمن طويل , ان سياسة اسرائيل في السلم و الحرب يجب ان تتضمن تصفية الاردن بنظامه الحالي و تحويل السلطة بشكل كامل للاغلبية الفلسطينية هناك . ان عملية قلب النظام في شرق النهر يعتبر الحل المثيل لمشكلة الاعداد المتزايدة من العرب في منطقة غرب النهر , سواء في السلم او الحرب , فان الهجرة للعرب و التجميد الديمفرافي و الاقتصادي يضمن لنا التغير القادم الذي نريد على ضفتي النهر و لابد لنا من ان نكون فاعلين للمسارعة بالتنفيذ في اقرب وقت ممكن . فمن المستحيل ضمان العيش و الاستقرار في المنطقة دون تفريق الامتين , العرب الى شرق النهر و اليهود الى غرب النهر , فلابد للعرب ان يفهموا انه بدون الحكم اليهودي المسيطر من غرب النهر و حتى البحر فلن يعيشوا بسلام ولن يكون لهم وجود سياسي , فوجودهم على ارض الاردن هو ضمانه لذلك."

باختصار , قامت اسرائيل بالتخطيط لذلك كله في الثمانينات من القرن السابق ولم تتسنى لها الفرصة المواتية للتنفيذ كما هو الان , فالظروف لم تكن مهيئة لتنفيذ الخطة الموضوعة على مرأى العالم . و السؤال الذي يفرض نفسه على الساحة: هل الثورة في مصر و غيرها من دول الشرق الاوسط , تهدف الى المسارعة ام التأخير في تنفيذ تلك المخططات؟؟ ان الاجابة تعتمد اعتماد كلي على نوعية النظام الجديد في مصر و سياستة المتبعة مع السلطة الفلسطينية و حماس.

ان استمرار قناة الجزيرة في صناعه الاحداث و تسجيل نقاط تبدو لصالح الشباب المصري بوجه الخصوص و العربي بالعموم , و استغلال الاحداث لصالح اجندة الطرف الاخر من المعادلة , و زيادة الحنق في الشارع العربي ضد السلطة الفلسطينية , فان تنفيذ استراتيجية اسرائيل في 1980 ستكون اسهل ما يمكن ان يكون.

ان سيناريو التحريض المتبع في الشارع العربي قاد العديد من المفكرين العرب الى اتباع منهجيه هستيرية , فلا يريد احد ان يكون عكس التيار و يتهم بالخيانة و الوقوف في وجه التغيير في المنطقة لذلك اخذوا القرار بان يدفنوا روؤسهم في التراب ويتماشوا مع المد.

تستطيع اسرائيل خلق جو هادئ و سلمي مع مصر و الذي يخدم مصالح كلا الطرفين في عملية التغيير و الذي يضمن لاسرائيل كسب المزيد من الوقت لصالح انشاء المزيد من المستوطنات , فكل الحكومات العربية ستكون مشغولة في شؤنها الداخلية و غير مستعدة للتفاوض مع اسرائيل في هذا الشأن, و تذهب اسرائيل للعالم معلنة عن عدم وجود حليف سلام لها من الجانب العربي في الوقت الراهن. من خلال قراءة الحقائق الموجودة على الارض , فان هذا كله لصالح الجانب الاسرائيلي حتى يحين الوقت لقبول الاستراتيجة الاسرائيلية و خلق شرق اوسط جديد.

هل هذا يعني ان خطة اسرائيل لابد من ان يتم تنفيذها ؟؟ بالطبع لا , و لكن هذا يحتاج الى تخطيط محكم للمواجهه من الجانب العربي و الذي هو للاسف غير متوفر في الوقت الراهن و يتطلب ايضا خطة من الجانب الفلسطيني للاطاحة بالخطة الاسرائيلية. العشر سنوات القادمات سيكونوا سنوات مد وجزر للوطن العربي والدوله الحيده التي ستنعم بالاستقرار هي اسرائيل وما على الفلسطينيين والعرب الا الانصياع الى ما خططه لهم الاستعمار الجديد في الشرق الاوسط الجديد.

الحل الوحيد هو ان يستبق الفلسطينيين الزمن ويخرجوا بالملايين في الشوارع لدحر الاحتلال ووضع العالم امام الامر الواقع. فكيف تتعامل امريكا والدول الغربيه مع الثورات العربيه في تونس ومصر وليبيا واليمن ومناطق اخرى بالمسانده وتترك الفلسطينيين الذين هم باشد الحاجه هلى التحرر من الظلم الواقع عليهم.

لابد لنا ان نتعلم درسا مهما من هذا كله , و الذي يقودنا الى تحقيق النصر , لا يمكننا الفوز و تحقيق النصر اذا لعبنا اللعبة بشروطهم و لابد لنا من اختيار قواعدنا الخاصة بنا والتي ستجبرهم على تغيير قواعدهم.

د.هشام تلاوي

ترجمه: لوما صلاح

فبراير 2011

الولايات المتحده