Monday, July 6, 2009

اوباما ، المجيء الثاني لموسى ، التحضير للهروب


اوباما ، المجيء الثاني لموسى ، التحضير للهروب


بقلم : الدكتور هشام التلاوي


ترجمة : سحر التلاوي





يجب على إسرائيل وقف الاستيطان " اوباما قال في ٢٨ /٥/٢٠٠٩ بعد الاجتماع مع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينيه.



"أريدكم أن تعلموا بأنني اليوم سوف أتحدث من صميم قلبي،وكصديق حقيقي لاسرائيل، كما أريدكم أن تكونوا على يقين انني عندما أزور لجنة العلاقات العامة الأمريكيه الاسرائيليه (AIPAC - اللوبي الصهيوني ) بأنني بين اصدقاء،إصدقاء جيدون. أصدقاء يشاركونني تصميمي القاطع الذي يضمن أن العلاقة التي تربط الولايات المتحده وإسرائيل غير قابلة للزوال، اليوم، غداً، في المستقبل وإلى الأبد." اوباما قال في ٤ /٦/٢٠٠٨ في كلمته أمام مؤتمر لجنة العلاقات الأمريكيه الاسرائيليه.



في 4 /6/2009 الرئيس أوباما تكلم إلى "العالمين" العربي والإسلامي . بشكل سطحي، خطاب اوباما رسم نقطة تحول في سياسة الادارة الأمريكيه تجاه الشرق الأوسط خلال الستون سنة الماضية . كما كان متوقعاً فإن خطابه الموصوف بالعدل لصالح المسلمين كان له وقع مختلف على البعض، ديك موريس الناقد السياسي المعروف انحيازه إلى إسرائيل قال"إن أمريكا أدارت ظهرها إلى إسرائيل."


وها هو عضو الكونجرس اليهودي غاري أكرمان معلقاً على كلام أوباما عن المستوطنات : " أنا لا أعتقد أن احد يريد أن يملي على أحد حلفائنا ( إسرائيل) ما يجب أن يفعلوه في خصوصيات أمنهم الوطني ." إننا لم نشهد الكونجرس الأمريكي يشن حربه المعتادة على أي شخص يمس إسرائيل ولو بشعره ، ونحن شاهدون على مرات لا تعد ولا تحصى كيف أن اللوبي الصهيوني يسيِّر الكونجرس كما يشاء ، ونحن نعلم ما يستطيعون فعله ، فكيف تم وسكتوا على خطاب كهذا.


في بداية الصراع في الشرق الأوسط ، الفلسطينيين ومعهم الكثير حول العالم اتهموا أمريكا بالانحياز إلى جانب إسرائيل في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي . في هذا الخطاب وللمرة الأولى في التاريخ تريد أمريكا أن تظهر بأنها عادلة بين الطرفين. إنه لمن الواضح بأن خطاب اوباما قد أزعج الكثيرين في إسرائيل. فبدل من أن يتهم الرئيس الأمريكي - كعاده روئساء أمريكا- أعداء إسرائيل على إثارة الشغب في المنطقة قال اوباما بان أي مشكله لها طرفان وليس طرف واحد.




"ولكن لو رأينا هذا الصراع وكأنه من طرف واحد دون الآخر نكون قد غضينا البصر وعجزنا عن رؤية الحقيقة . الحل الوحيد هو أن تتحقق طموحات الطرفين من خلال حل الدولتين ويعيش الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بسلام وأمن. " قال أوباما.



خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة الفلسطيني والذي ذهب ضحيته أكثر من 1300 شهيد فلسطيني أكثر من نصفهم كانوا من النساء والأطفال ذبحوا ودمرت البنية التحتية كاملة بغزة وأعيدت إلى العصر الحجري، لم يقل أوباما حينها أي كلمة ، هو لم يصمت فحسب، بل وجه رساله لممثل أمريكا في الأمم المتحدة، زلماي خليل زاد بأن " على مجلس الأمن أن يشجب بوضوح وبدون استثناء الهجمات الصاروخية ضد إسرائيل . وإذا لم يستطع(أي مجلس الأمن) فيجب أن تعمل ما بوسعك على أن يلتزم (مجلس الأمن ) الصمت . و أضاف أنه يتفهم إغلاق إسرائيل للمعابر في قطاع غزة ، التي فيها أكثر من مليون و نصف فلسطيني تركوا ليموتوا جوعاً وبدون أدوية .



لا زلت أذكر الهجوم الشنيع الذي تعرض له أوباما في مارس 2008 عندما كان في ولاية أيوا خلال حملته الانتخابية بأنه وخلال زلة لسان مدعمة بتأنيب الضمير قال " لا يوجد هناك أحد يتألم ويعاني كما يتألم الشعب الفلسطيني " ولهذا السبب أمضى اوباما التسعة أشهر التالية يعمل بجهد ليثبت حبه وولائه لإسرائيل وللجالية اليهودية في أمريكا . ما الذي حدث؟ لماذا يقول البعض بأن اوباما قد أدار ظهره لإسرائيل ؟



اوباما وبعد خطابه في القاهرة اتهم من قبل اليهود بأنه" معادي للسامية " ،


" مسلم سراً"، " كاره لليهود" ، " صديق للفلسطينيين "، وصفات أخرى لا تسمح لنا أخلاقنا بذكرها في هذا السياق . اللذين يفهمون النظام السياسي الأمريكي يعرفون تماماً بأن لا أحد يوصف بهذه الصفات من قبل اليهود يحلم بأن ينجح في إنتخابات مجلس قروي في أصغر قرية في أميركا ، فما بالك بأعلى مركز في العالم ، الا وهو رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ؟ لقد تم فحص وتدقيق شخص اوباما من قبل جميع اليهود في أمريكا والعالم فكيف حصل ونجح أوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟ كذلك كيف يستطيع اوباما أن يصرح بخطاب كالذي القاه في القاهرة وهو لا يزال في المرحلة الأولى من حكمه ؟ فخطاب كهذا من المفروض أن يفتح عليه نيران جهنم من قبل أعوان الصهيونية في أمريكا . ولكن هذا لم يحصل ،هل أنت بحيرة من هذا الأمر؟




كما يعلم أغلب الباحثون والمطلعون على الأمور اليهودية بأن اليهود اضطهدوا وطردوا من أغلب البلاد التي سكنوها وقطنوا فيها . في عام 1290 طردوا من بريطانيا ، عام 1392 من فرنسا ، 1492 من إسبانيا في نفس العام الذي خرج فيه كولومبوس قاصدا الهند وفي عام 1497 من البرتغال وواجهوا اليهود نفس المصير في عدة دول كان آخرها في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي في ألمانيا .



آخر حروب إسرائيل على لبنان وغزة وبفضل الانترنت واالفضائيات كشفت إسرائيل على حقيقتها التي طالما صرخ بها الأبرياء اللذين قتلوا وهجروا واعتقلوا من قبل هذا النظام الإجرامي العنصري ولكن صرخاتهم لم تجد لها صدى في هذا العالم . ولكن الآن العالم شاهد على كل الأعمال الإجرامية وانتهاكات حقوق الإنسان حال حدوثها . لذلك أخذ الكثيرون يراجعون أنفسهم ومعتقداتهم السابقة بأكذوبة إسرائيل المتمثلة في :"إسرائيل تدافع عن وجودها في بحر مليء بالمخاطر ومحاطة بدول عربية تريد لها الزوال" . ولكن الآن بعد أن رأى الناس حول العالم كيف تعامل هذا النظام العنصري مع أطفال غزة سقط هذا النظام من أعين العالم وسقطت معه ورقة التوت.



اضف إلى ذلك شعور غالبية الناس بأن لليهود ضلع في سقوط النظام المالي العالمي وما لهذا الشعور من تبعية سلبية تقع على هؤلاء المسيطرون على الاقتصاد في العالم ، إضافة إلى ذلك كله الحرب الأمريكية على العراق والتي كما هو واضح للجميع كانت لصالح إسرائيل وبإيعاز منها، جعلت الكثير من الكتاب والقادة اليهود يطلقون صفارات الإنذار ويدقون أجراس الخطر لوقف عجلة التاريخ من الدوران كي لا يدور الزمن مرة أخرى ويجدوا أنفسهم على موعد آخر من كراهية شعوب العالم لهم وما لهذا الكره من تبعيات لا تحمد عقباها على مدار التاريخ .



بكلمة أخرى اليهود في أمريكا وحول العالم بدأوا يشعرون بأن النظام في إسرائيل بأعماله اللاإنسانية تجاه شعب فلسطين أصبح يشكل خطراً على وجود اليهود في العالم.




بعض من القيادات اليهودية وخصوصاً في أميركا أحسوا بالخطر وبدأوا بمراجعة حساباتهم وأيقنوا أن اللوبي الصهيوني في واشنطن مقيّد ومسيّر من قبل النظام الليكودي في إسرائيل وهذا شكل مشكله لهؤلاء وبدأوا بالفعل العمل على تقييض دور اللوبي الذي كان له تاريخياً باع طويل يمتد لفرض مصلحة إسرائيل على الكونجرس والإدارة في واشنطن . طبعاً مما لا شك فيه أن هذه القيادات اليهودية كانت على علم يقين بمجازر اليهود في فلسطين منذ نشأة هذا الكيان ، ولكن الذي تغير الآن هو أن الإعلام لم يعد محتكراً على اليهود كما كان الوضع سابقاً ، فالآن هناك الانترنت الذي أعطى الفرصة لوجهة النظر الفلسطينية بالظهور لأعداد كبيرة وخاصة المثقفين في أميركا وغيرها . ظهر في السنوات الأخيرة نخبة من الكتاب والأكاديميين استطاعوا أن يكسروا حاجز الخوف ويفضحوا الأكاذيب الاسرائيلية من خلال كتاباتهم ، وأذكر هنا البروفسور جون ميرشمر والبروفسور ستيفن والت اللذان استطاعا من خلال كتابهم بعنوان " اللوبي الاسرائيلي" الذي أثار ضجة كبيرة في أميركا وكان تأثيره واضحاً وقوياً في الأوساط السياسية والإعلامية وأسهم بزيادة عدد الأميركيين اللذين اكتشفوا وما زالوا يكتشفون الألاعيب الصهيونية في السياسة والمال، ومما لهاتين التأثير المباشرفي حياة الشعب الأمريكي ، فلقد قرر بعض رؤساء الجالية اليهودية تدارك الأمور قبل فوات الأوان مما سيؤدي إلى إنقلاب الشعب الأمريكي عليهم ويعيد التاريخ نفسه لأن البعض الآن يرى بأن هناك عدة أمور متشابهة مع ما كان يحصل في ألمانيا في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي. فاستباقهم للأمور ومجرياتها استوجب عليهم تغيير مسار التاريخ بتغيير السياسات المؤدية إلى تلك النتيجة الحتمية.



ولكن ولسوء حظ هذا العالم ، القيادة اليهوديه في اسرائيل لا ترى الأمور بهذه الطريقة. فالأن في إسرائيل حكومة متطرفه بكل ما في الكلمة من معنى. هي حكومة مستوطنين متطرفين من أمثال افغدور ليبرمان وزير الخارجيه ووصوله إلى هذا المنصب من وجهة النظر الغربية يضاهي وصول اسامة بن لادن لمنصب وزير خارجية السعوديه .



فهؤلاء يعتقدون بأن الله يريدهم أن يطهروا فلسطين من غير اليهود حتى تتطهر أنفسهم ويكون راضٍ عنهم لمعتقداتهم البالية بأنهم أبعدوا عن أرض "إسرائيل" ليعودوا إليها كما يعتقدون وإن هذه هي مشيئة الله التي حددها لهم قبل أكثر من ألفين سنه.



البعض ممكن أن يقول بأن كلام كهذا ممكن أن يدخل تحت باب معاداة الساميه ولهؤلاء أقول إسمعوا ما قاله أحد خاماتهم ويدعى منيس فريدمان قبل أقل من شهر في الولايات المتحدة ، عندما سئل عن كيف يجب أن يتعامل اليهود مع جيرانهم العرب فقال:" أنا لا اعترف بالاخلاق الغربيه التي تقول لا تقتل المدنيين،أو الأطفال، لا تدمر أماكنهم الدينيه، لا تقتل خلال فتره الأعياد، لا تقصف المقابر، لا تفتح النيران حتى يبدأ الطرف الأخر لأن هذا يعتبر غير أخلاقي. الطريقة الوحيدة لخوض حرب أخلاقيه هي الطريقة اليهوديه: دمر أماكنهم الدينيه، اقتل الرجال والنساء والأطفال والأبقار . وأول رئيس حكومه إسرائيلية يعلن بأنه سيتبع العهد القديم(إشاره إلى التوراه) سوف يحقق السلام في "ارض إسرائيل" إشارة منه إلى ما كتب في التوراة عن قتل جميع الغير يهود من قبل اليهود وأن لا تأخذهم فيهم شفقة ، وهكذا وبهذا ألأسلوب يحقق الصهاينه السلام في الشرق الاوسط.



الملم في تعليمات الديانة اليهوديه يعرف جيداً بأن ما قاله هذا الحاخام هو نابع من تلك التعليمات ولكن من غير المعتاد أن ترى اليهود أنفسهم يعلنون على الملأ هذه الخصوصيه في ديانتهم وخصوصاً في هذا الزمن، عصر نقل المعلومات حول العالم بسرعه تفوق سرعة الصوت. هذا التصرف من قبل هذه "الأمة" التي طالما اقنعت العالم بأنها تمثل الديموقراطيه الوحيده في منطقه الشرق الأوسط ومن الواضح إذاً إن هناك البعض من الجاليه اليهوديه يشعرون بالقلق بسبب تصريحات عنصريه كهذه التي عفا عليها الزمن و جعلهم يقروون بأن إسرائيل أصبحت عاله على كل اليهود في العالم وسبب قلق اليهود على وجودهم في البلدان التي يعيشوا فيها.



البعض في الجاليه اليهوديه يعتقد إن إسرائيل تضع جميع اليهود في العالم عرضه للخطر بسبب سياستها إتجاه الشعب الفلسطيني ويرون إن اوباما هو بمثابه " المسيح" المنتظر بعث لليهود لينقذهم مما هم فيه، أو إذا أردت هو بمثابه المجئ الثاني لموسى عليه السلام ليوصلهم إلى شط الأمان.



حل القضيه الفلسطينيه على مسار الدولتين يعطي إسرائيل الفرصه كي تأخذ بعض الراحة حتى يتسنى لها في المستقبل أن تقوم بالدور المطلوب منها حسب مخططات أهلها في الوقت المناسب ولكن الآن هو وقت المراوغة .


إذاً اوباما يقوم بأكبر خدمة لإسرائيل الآن . إن الحقيقة المرة أن اوباما مهما بلغت شجاعته ورجولته فهو لن يستطيع مواجهة القوة اليهودية في أمريكا . فأسلحة


" الدمار الشامل" المتاحة لليهود في أميركا لا زالت حية ترزق ومنها على سبيل المثال لا الحصر JDL , ADL, AIPAC كذلك مئات الجمعيات اليهودية التي لها اختصاصات عدة. إضافة إلى ذلك لن نستطيع أن ننسى دور الإعلام المسيطر عليه من قبلهم . مشكله اليهود ألان هي الهولوكست أو المحرقه والحفاظ على روايتهم عنها. فهم يعلمون ما سيحصل في العالم إذا اكتشف في يوم ما بأن تلك القصة التي بنيت عليها دولتهم لم تكن كما ادعوا ، فتخيلوا ماذا سيكون موقف إسرائيل ودول أوروبا حينها . لهذا السبب اليهود مستعدون لقتل وتصفية كل من يحاول كشف الحقيقة وذلك ليبقوا تلك القصة قصتهم وقصة العالم كله لهذا السبب وفي جميع أنحاء اوروبا السجن هو عقاب أي شخص يتساءل عما دار في الهولوكوست ..... فهل يستطيعون لجم الباحثين عن الحقيقة للأبد؟؟




هشام تلاوي دكتوراه علاقات دوليه. كاتب ومحلل سياسي من اصل فلسطيني مقيم في الولايات المتحده.مقدم برنامج "القضايا الراهنة" التلفزيوني وبرنامج إذاعي بنفس الاسم. نشرت له العديد من المقالات باللغه الانجليزيه وترجمت له مقالات نشرت في جريدة الشرق الأوسط. لمزيد من المعلومات نرجو زياره موقع البرنامج على http://www.currentissues.tv/ وكذلك http://heshamtillawi.wordpress.com/